lundi 7 février 2011

فلسفة: هل استجابة الفرد لمصلحته يعد انحرافا عن الأخلاق ؟



مقدمة:
تعتبر الأخلاق إحدى القيم السامية، التي تسعى الشعوب منذ القدم و على مر التاريخ إلى تحقيقها و تجسيدها على أرض الواقع، فهي أمل و طموح جميع المجتمعات و الشعوب لأن في تحقيقها تجسيد للأمن و السلام و تعتبر إشكالية معيار الأخلاق من بين أهم الإشكاليات الفلسفية الجوهرية التي أهتم بها الفلاسفة و الباحثون قديما و حديثا و أسال حبرهم و الأخلاق بمعناها الفلسفي هي مجموعة من القيم المعيارية التي تحدد ما ينبغي أن يكون عليه السلوك الإنساني فمنهم من قال أن الأخلاق تبنى على أساس اللذة و المنفعة و من هم من رأى النقيض تماما و بين ذلك و ذاك نطرح الإشكال التالي الذي هو قيد التحليل هل صحيح أن الخير ما ينفعني و الشر ما يضرني؟.
الموقف1:
يرى الكثير من الفلاسفة و الباحثين و علماء النفس أن الأخلاق تبنى على أساس دور الطبيعة أي أن الإنسان يحب نفسه أي يطلب اللذة و ينفر من الألم هذا ما أكده أبيقور في الفلسفة اليونانية حينما قال :" كل الكائنات الحية تطلب اللذة و تنفر من الألم" ، فالطفل الصغير يقول الصدق لأن فيها لذة و خير و يتجنب الكذب لأن فيه ألم و شر و هذا ما عبر عنه بينتام حينما قال أن الأخلاق تقف عند مسلمتين ، مسلمة ذاتية و هي أخلاق الفرد الواحد ، مسامة موضوعية و هي أخلاق الجماعة إلى جانب موقف الفلاسفة البرغماتيون اللذين قدسوا أخلاق المصلحة حينما حملوا شعار:" لا سلام دائم و لا صديق دائم و لا عدو دائم و إنما دائم هو المصلحة"، بزعامة جون ديوي و شارل بيرس إلى جانب جون سيورتميل الذي فاضل بين اللذات و قال أن هناك لذات حسية أكل دجاجة هي غير دائمو بل تزول ، لذات روحية مثل فرحة الباكلوريا ثابتة و أبدية حتى قال سقراط خنزير شقي خير من ووحش راضى
النقد:
حقيقة لا يمكن أن ننكر أن الإنسان بطبيعته يحب نفسه و لكن أخلاق لذة ليست أخلاق ، الإنسان اليوم قوي و غدا ضعيف، و قد يعارض الإنسان اللذة مثل المحارب الذي يضحي بنفسه من أجل وطنه حي يصل إلى وسام الشهادة و التضحية.

الموقف2:
و على نقيض تماما يؤكد الكثير من الفلاسفة و الباحثين و علماء الاجتماع، أن المجتمع هو مانح الخير و الشر لأن الإنسان كاتب مدني بالطبع كما قال ابن خلدون فهو يولد صفحة بيضاء المجتمع يرسم عليه ما يشاء هذا ما أكده الاجتماعي الفرنسي دوركايم في نظرية القهر و الإلزام الجماعي لأن الإنسان خاضع لأوامر و نواهي الجماعة أي إكراه و إلزام و هذا ما عبر عنه في مقولته الشهيرة: " إذا تكلم الضمير فينا فإن المجتمع هو الذي يتكلم فهل"، صح هذا الاتجاه في طرحه؟.


نقد:
حقيقة لا يمكن أن ننكر دور المجتمع في صنع الأخلاق و لكن قد تتعارض أخلاق الفرد مع الجماعة و مثال ذلك تلك الثورات إصلاحية لرجال الإصلاح أمثال محمد عبده، و عبد الحميد بن باديس اللذين ثاروا ضد المجتمعات الفاسدة و الغير الأخلاقية و كتبوا أسمائهم بأحرف من ذهب.
تجاوز:
نتيجة الصراع العالم بين الاتجاه النفعي و الاجتماعي ظهر الموقف العقلي الذي أكد فلاسفته أن العقل هو أساس الخير و الشر مادام أعدل قسمة بين البشر و هذا ما أكده ديكارت العقلاني حينما قال:" أنا أفكر أنا موجود"، أي أن الأخلاق موجودة بالذهن و استقراء الشعوب يبين لنا أن المجتمع و مختلف الديانات بنت أخلاقها على أساي العقل و هذا ما عبر عنه أفلاطون حينما قال:" العلم فضيلة و الجهل رذيلة" و نجد موقف العقلاني المثالي كانط الذي بني أخلاق على الإرادة الخيرة (النية) و التي هي مبدأ داخلي قلبي و قال أن هناك أخلاق من أجل الواجب بعيدة عن الرياء و المصلحة تحركها الإرادة الخيرة و هي أخلاق مطلوبة ، أخلاق بدافع الواجب تدفعها المصلحة و المنفعة و هي أخلاق مرفوضة كما نجد موقف المعتزلة اللذين أكدوا أن الإنسان قبل نزول الوحي كان يعرف الخير و الشر بعقله أي أن مسألة الحسن و القبح عقليتان

النقد:
لا ننكر دور العقل في تأسيس الأخلاق و لكن العقل يخطئ و يصيب و دليل على ذلك اختلاف الناس في أخلاقهم و قراراتهم أما أخلاق كانط فا هي جافة صارمة بعيدة عن الواقع
استنتاج:
على ضوء التحليل السابق يمكن القول أن الأخلاق تقف عند ثلاث أسس متفاعلة هي العقل و المنفعة هي العقل و المنفعة و المجتمع العلاقة فيما بينها هي تمامل كالجسم و الروح لأن الهدف واحد و خدمة الإنسان و ارتقائه.

خاتمة:
و ختاما لهذا التحليل يمكن القول أن استجابة الفرد لمصلحته قد يعد انحرافا على الأخلاق و لكن ليس دوما.  

2 commentaires :